تقسيم تركيا يحرمها المشاركة في الحل السوري د.نسيب حطيط
يصرخ لإمبراطور المزيف(أردوغان) منذ عامين لإسقاط الرئيس الأسد ويحشد التكفيريين و مجالس المعارضات السورية ويتحالف مع إسرائيل وشياطين الأرض ليكون(السلطان أردوغان الأول) ليفتح الشام ومصر من جديد.
لقد سقطت أحلام أردوغان ومشروعه وشعاراته وظهر زيفها وردت بضاعته إليه، وبدأ يحصد ما زرعه في سوريا فهبت(عواصف)شعبية في ميدان(تقسيم) وستين مدينة وقرية تركية... لكن كيف سقط أردوغان؟
رفع أردوغان شعار الديمقراطية وأتهم الأسد بإستعمال العنف في مواجهة المظاهرات(المسلحة) لكنه منذ اللحظة الأولى فقتل ثلاثة و جرح 2000 وإعتقل المئات وإتهم المتظاهرين بأنهم ( (لصوص ورعاع)، وهددهم بان صبره يكاد ينفذ.
سقط الإسلام المزيف لأردوغان ،فتارة يرفع شعار المذهبية علوي-سني وتارة يتحالف مع إسرائيل وأميركا ضد إيران وسوريا وتارة يجيز بيع الكحول نهارا ويمنعها ليلا والإسلام يحرم الخمر، فكان أردوغان مصداقا لقوله تعالى عن المنافقين واليهود( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا(البقرة-85).
لقد بدأ العقاب لأردوغان من جهتين من الشعب ومن الأميركيين فالعقاب الشعبي بسبب سياسات أردوغان- أوغلو البهلوانية والعميلة للإدارة الأميركية(وكان اب الإسلام السياسي اربكان قد وصف اردوغان بأنه عميل اميركي صغير) والتي أوقعت تركيا في فخ المذهبية والإنقسام بين العلويين وأهل السنة من جهة وبين الأتراك والأكراد من جهة أخرى وفتحت تركيا للجماعات التكفيرية والعصابات المنظمة فزرعت هذه الجماعات أفكارها ونشرت قواعدها ، ويمكن أن تفجر مفاهيمها ضد الشعب التركي لعدم إلتزامه بالشريعة وفق أسلوبها العنفي الذي يعتمد الذبح والقتل وجهاد النكاح.
أغلق أردوغان على تركيا كل حدودها بسبب تدخلاته وطموحاته المتهورة فتدخل في العراق و في سوريا وأغلق الأبوابعلى تركيا ، وإكتفى بنافذة حلب ليسرق مصانعها وآلاتها والنفط السوري ويهدد إيران بصواريخ الباتريوت الأميركية ،أما العقاب الأميركي لأنه تعهد وفشل بإسقاط النظام السوري مقابل تنصيبه زعيما وقائدا وحيدا للإسلام السياسي(السني)بدل مصر والسعودية وشاركته قطر في أحلامه وتعهداته لكنهما فشلا وتحملهما أميركا مسؤولية خسارتها في الشرق الأوسط وفي العالم فهي لم تربح سوريا وخسرت هيبتها في المنطقة وفتحت الأبواب أمام روسيا وحلفائها ليتحولوا إلى شركاء أقوياء في قيادة العالم وإعادة رسم المشهد الدولي خاصة وأن أميركا خسرت حلفائها الرؤساء العرب و لم تربح دولا حتى الآن سوى تحالفها مع الإسلاميين الجدد الذين لا يستطيعون إدارة الدول التي أستلموها ولا الدفاع عن أنفسهم أو إدارة حوار.
إن أميركا تحفظ مصالحها كما صرح وزير الخارجية كيري ومنها أمن إسرائيل والنفط والغاز ولا يهمها الحكام والأمراء من أتباعها ويمكن أن تبدلهم كعجلات السيارة ، وهكذا تخلت عن مبارك وبن علي وشاه إيران وصدام حسين وهكذا ستتخلى عن أردوغان وأوغلو وحمد بن خليفة وحمد بن جاسم وكل الخدم السياسي من أصحاب السمو والفخامة والسيادة.
الحسابات الخاطئة والغرور للمشروع الأميركي والصمود والوحدة لعناصر مشروع المقاومة والممانعة أسقطا المؤامرة ، وكلما امتدت الحرب العالمية على سوريا يوما إضافيا كلما شبت النار في الساحات المجاورة في المرحلة الأولى وفي مقدمتها سوريا ولبنان والعراق والأردن وفي المرحلة الثانية في الخليج والثالثة في أوروبا.
ساحة( تقسيم) قسمت تركيا بين أردوغان والشعب ، ودقت إسفينا بين أميركا وأوروبا وأردوغان و بدأ تبادل التهم بمحاربة الديمقراطية والهمجية بإستخدام العنف المفرط وأظهرت مجلة(ذا أكونويست)البريطانية أردوغان بصورة إمبراطور.
إن الإحتجاجات التركية متعددة الأسباب وإنهيار النظام في تركيا له تداعيات تشابه إلى حد ما تداعيات إنهيار سوريا لما تمثله تركيا من نقطة إرتكاز وحلقة مفصلية في المشروع الأميركي الإسرائيلي للمنطقة ،وبعضها يحمل بذور النجاح نتيجة الأفعال السلبية التي تمارسها حكومة أردوغان واالدينامية الشعبية منها:
- التدخل التركي السافر في سوريا والعالم العربي ومهادنة اسرائيل والفشل بإسقاط الأسد مما عرضها للعقاب الأميركي كما يحصل الآن في قطر مع (الحمدين) الفاشلين .
- االفروقات في نظام التعليم والتخلف والفقر الذي تعيشه المناطق الريفية والهوة بين المدن المحظوظة والريف الفقير.
- التنوع المذهبي والقومي والذي ينفخ أردووغان في جمره وكان مخبأ تحت رماد العلمانية.
- الإحباط والحقد لدى الأتراك ضد أوروبا التي أوقفتهم على أبواب الإتحاد الأوروبي أكثر من 50 عاما كالمتسولين ولم تعطهم العضوية بينما أعطتها لدول أوروبا الشرقية سريعا.
- نسبة عدد الشباب في تركيا وإرتفاع نسبة البطالة بينهم وتفاعلهم مع التداعيات والإرتدادات لشعارات للديمقراطية في العالم العربي.
النتائج الأولية:
- إرباك حكومة أردوغان وإنشغالها في الداخل مما يحرمها من المشاركة في صياغة الحل في سوريا وعدم حصادها لكل جهدها التخريبي في سوريا طوال عامين.
- زعزعة التحالف الأميركي ومحاولة كل طرف تحميل المسؤولية للآخر لعدم دفع الثمن.
- تراجع الإقتصاد والسياحة في تركيا على مشارف الصيف وتراجع الأسهم في البورصة وكذلك الليرة التركية حوالي 8%.
- تشويه صورة تركية-أردوغان الديمقراطية في أميركا والغرب وظهور الزيف والخداع عن وجهه وسقوط النموذج التركي(للإسلام العصري)وصعوبة نقله إلى دول ما يسمى الربيع العربي.
- الخوف الأميركي-الإسرائيلي من ضعف تركيا التي تشكل العمود الفقري للمشروع الأميركي المنطقة مما يهدد بخسارة كبرة.
- تشجيع الأكراد لإستغلال لحظة الضعف التركية للمطالبة بالإنفصال أو تحقيق مكتسبات جديدة.
- النار التي أشعلها أردوغان في سوريا بدأت تحرق حقوله وإحلامه و سيبدأ الخريف التركي لأردوغان ويمكن أن يسقط أردوغان ويبقى الأسد وتبقى سوريا موحدة وتقسم تركيا بدأ سقوط الأردوغانية كما سقطت منظومة الإسلاميين الجدد ..